على مر التاريخ كانت لنساء هذا المجتمع " القروي
" ، مساهمات اقتصادية لا تقل في حقيقتها وأهميتها عن المساهمات الاقتصادية
لدى الرجال، فـ نساء هذا المجتمع يعملن "في اتجاهين"؛ الاتجاه الأول: من
دون مردود مالي ( إما لخدمة أُسرهن كمزاولة مهام الغسيل والطبخ والقيام بشئون
البيت .. إلخ، وإما لخدمة مجتمعهن كخدمة الجيران والأهل في مناسبات دينية
واجتماعية مختلفة مما يدعم الروابط الأسرية والاجتماعية)؛ والاتجاه الثاني يتمثل
بالحصول على مردود مالي.
وفي عهود سابقة ، سبقت
الطفرة النفطية في مملكة البحرين عام 1932م، كانت النسوة تعملنّ وفق مستويات محددة
وبما يتناسب والأعراف المجتمعية آنذاك وهي كالتالي:
* عمل المرأة داخل
منزلها: حيث تقوم الكثير من النسوة بالعمل داخل منازلهن في مهن مثل تعليم القرآن
لأبناء وبنات القرية أو القيام ببعض الحرف اليدوية كـ "عمل بعض الأثاث المحلي
البسيط مثل الزبيل، السميم، الحصر... الخ".
وبالنسبة إلى المرأة " السَيْدَه" ، (
وهي المرأة التي يتصل نسبها بالرسول الأكرم (ص) ، وللعلم بأن هذه الفئة من الناس"
السادة " عموما لهم امتيازات تكريمية نسبة إلى أصلهم كأحفاد لرسول الله (ص) وبالتالي
فإنهم يجزل لهم العطاء ولهم خمس ( وهو مبلغ من المال يدفعه العوام من الناس لهم بعد
مرور سنة " خمسية " ، كأن يحدد الشخص ليلة
النصف من شهر شعبان من كل عام ، يوم لإظهار خمسه. ويستند ذلك إلى أساس فقهي).
هذه المرأة "
السيدة " تقوم بعمل الأضحية في عيد الأضحى ، والاضحية يقصد بها ( الحجية ) أو
( الحيّه بيّه ) ، حيث تختلف التسمية من منطقة إلى أخرى في البحرين ، وتزرع الحجية
قبل أسبوعين أو أكثر من العيد ، أو أن تقوم إحدى النساء (السَيْدَه) بعملها وتوزيعها
على من يرغب بها مقابل مبلغ مالي رمزي ( للتبرك) كما هو متعارف عليه في المجتمع المعني
بالدراسة.
وفي السنوات الأخيرة أخذ
هذا التقليد ، المقتصر على "السادة" يتراجع ، واخذ عموم الناس بمزاولته بلا
تحفظ ، ودخلت على هذا التقليد الكثير من المشاتل الزراعية التي حولته إلى نشاط تجاري.
*
عمل المرأة خارج منزلها " في نطاق قريتها " من خلال عملها كـ " داية " (وهي المرأة
التي تقوم على خدمة العريس والعروسة طيلة " سبعة أيام " ، وهناك عادة بحرينية
قديمة " تقوم على اختيار سبع دايات أو أقل لذات الغرض ، سنتطرق إليها
بالتفصيل في موضوع الزواج ) ،أوكـ" مُلاية " (
أي المرأة التي تقوم بقراءة
رثاء أو مولد لأهل البيت ، وذلك في مقابل مبلغ من المال
تحصل عليه هؤلاء النسوة من هذه الطبقة).
* عمل المرأة خارج
منزلها: حيث أنها تجتهد في مساعدة زوجها بمهنة (الفلاحة) ، فبعض النسوة كن يساعدن
أزواجهن في قطف المحاصيل الزراعية مع بقية أفراد العائلة ولم يقتصر عملها على ذلك
، بل يتعداه إلى استخراج المخلفات الآدمية لاستخدامها كـ سماد ، وهنا مثل عامي
بحريني يترجم هذه الحالة يقول: ( حط الخرا على الرأس ولا الحاجة إلى الناس).
وهناك مثل شعبي يقول(
لوّل لا (إذا) رحنا الحشيش ، طلع الصاحي من الغشيش ( المغشوش ) .
لكنما
هناك أعمال أخرى تمتهنها المرأة القروية أيضاً ، فقد كانت"قابلة " تقوم
بمهام التوليد لنساء القرية " كرزكان " والقرى المجاورة.
إن اولئك النسوة في حقيقة واقعهن الذي عشنه آنذاك ، لم يخترن هذه المهنة –
التوليد – بقدر ما هي التي إختارتهن وذلك لطبيعة الحياة الاجتماعية والدينية
والثقافية والصحية ومتطلباتها وقتئذ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق