الجمعة، 8 يناير 2016

من تراث القرية البحرينية " احتفالية الجبية " / أمينة الفردان

تحدثنا الإخبارية الحاجة مريم " أم خليل "  وهي إحدى المعلمات للقرآن الكريم في القرية ، فتقول : قبل يوم من الجبية ، كانت المعلمة تأمر جميع بنات المعلم ( اللائي تقوم بتعليمهن تلاوة القرآن الكريم ) بإحضار چيلة عيش " مكيال رز " ، مع روبية ، وبصلة ولومية وملحة، وقطع من الدجاج. وبعد أن تجمع كل ذلك ، من جميع بنات المعلم ، تقوم بطبخ الوجبة الخاصة بيوم الجبية.

هذا وتستعد الفتيات لهذا اليوم، فيخضبن أيديهن وأقدامهن بالحناء إبتهاجاً بالمناسبة ، وفي يوم الجبية ، يأتين إلى المسجد صباحاً ، وهن يرتدين ملابسهن الجديدة الزاهية الألوان ، فيلعب بعضهن مع بعض .

ويكون على تلك الفتيات " بنات المعلم " ، مسئولية حجز مكان خاص بالمعلمة. لأنها ستأتي فيما بعد لتناول وجبة الغداء.

أما النساء في القرية فإنهن يتأخرن في الذهاب إلى المسجد للاحتفال بالجبية " عصراً " ، كونهن مشغولات بالأعمال المنزلية وإلتزاماتهن الأسرية.
 
عصراً يتجمعن في حلقات ، يغنين الأناشيد الخاصة بالجبية ، والتي ترددها كل من الحاجة بنت حسن بشير و أم مرزوق.
ومن أهازيج الجبية ..
عجب عجب
بين شعبان ورجب
 وهي تشير إلى توقيت الاحتفالية
 
وهنا أهزوجة أخرى تقول ..
يا عمير ويا عمير
والجبية من انخليها
يا عمير ويا عمير
جعسنا رووسنا فيها
 
أختكم / أمينة الفردان

الأحد، 7 يونيو 2015

اللباس - الدلالات والمضامين




يختزل اللباس دلالات ومعاني " خارجية و داخلية " فهو من ناحية يمثل الجانب " الظاهري و الذوقي "، ومن ناحية أخرى فهو يمثل سترا لعورة الجسد ، حيث أن الدين والعرف يقول بذلك.
لقد اقترن ذكر اللباس في القرآن الكريم بقصة النشأة الإنسانية الأولى ( آدم وحواء ) عليهما السلام للدلالة على أهميته. ( المنصوري ، بشير ، ألفاظ اللباس في القرآن، مجلة أدب البصرة ، العدد 47 ،  2008 ،  ص 71)
مع تطور الحضارة البشرية في مختلف عهودها أصبح اللباس يمثل هوية ، ثقافة هؤلاء الناس " الذين يرتدون تلك الملابس " لأن اللباس تعبيراً عن هوية ثقافية تعكس عادات وتقاليد الشعوب في أدق تفاصيلها وانتماءاتها الاثنية والطبقية.

" فاللباس مقوم من مقومات شخصية الأمة فهو يميزها عن غيرها من الأمم ليطبعها بطابع خاص تنعكس عليه جميع ملامحها وخصائصها الاجتماعية والأخلاقية والعقائدية والحضارية بصفة عامة ". ( السحيري ، صوفية ، الجسد والمجتمع ، ص 118)


لباس المرأة وتبدلاته :

لقد كان لباس المرأة قديماً عبارة عن السروال والدرّاعة (جلابية) والملفع(1). والثوب(2) (هذا بالنسبة إلى النساء الكبيرات في السن)، ويرتدي الفتيات لباساً آخر وهو القوَن (الفستان) والسروال بالإضافة إلى البخنق(3)، أما الشابات فكن يلبسن النيبي(4) والقميص، وعندما تخرج المرأة من المنزل كانت ترتدي المشمر(5) لستر جسمها وملابسها.


وكان لباس النساء الكبيرات في السن " المقنعة" (6) أثناء خروجهن من المنزل. وهناك الدفة(7) التي كانت قليلاً ما تلبسها المرأة القروية في البحرين ، أو بمعنى آخر إن المرأة كانت لا تلبسها داخل القرية إنما كانت تلبسها عندما تخرج من القرية فقط سواء للسفر أو حين تذهب إلى المستشفى. وهذا ما قاله الشيخ شاكر الفردان.


وكانت هذه العباءة مصنوعة من قماش خشن، وفيما بعد أصبحت هذه العباءة من الحرير (وكانت ترتديها الميسورات فقط) وفيما بعد أصبحت غالبية الفتيات والشابات ترتدي تلك العباءة الحريرية .


ثم أقبلت أكثرية النساء وبخاصة الكبيرات في السن على لبس الدفة مع الغشوة(8) وفيما بعد أخذت الشابات ترتدي البرقع(9). وحدث كذلك تطور في لباس النســاء وخاصة الشـابات منهن حيث أخذن يتأثرن بالموضـات ويتابعنها بشكل كبير فتغير لباس المرأة إلى حد كبير، حيث البنطلونات الضيقة والأقمصة والفانيلات المختلفة الألوان والأشكال ولكن مازالت تحرص على لبس العباءة السوداء التقليدية التي تغطي تلك الملابس الحديثة والمواكبة لأحدث الموضات العالمية وفي نهاية التسعينات حدث تطور في العباءة حيث استبدلت النسوة وبخاصة الفتيات منهن والشابات تلك العباءة بـ (البالطو ذي اللون الأسود). في البداية كان الأمر غير مقبول ولكن الفتيات كنّ يرتدينه في العمل فقط. بعدها راج شيوعه في المدارس والسبب في ارتدائها كونه أكثر ستراً من عباءة الرأس (التي تظهر مفاتن المرأة عندما تسقط من على الرأس...) وتصالح الرجال على لبسها بشرط أن تكون واسعة فضفاضة.

 

ولكن النساء أو الشابات خاصة أخذن يضيقن من وسعها تدريجياً إلى أن أصبحت شبيهة بالفستان الأسود الذي أدخلت عليه اكسسوارات وتطريزات ملونة أكسبته جمالاً ، لافتاً للأنظار من خلال البهرجة اللونية في الخامات المستعملة ، حيث يصل الأمر في بعض الأحيان وكأنه فستان سهرة باللون الأسود وقبل المجتمع ذلك على اعتبار أنها عباءة حداثية متطورة، من جهة أخرى فقد استبدل الحجاب بالشيلة السوداء المطرزة والمشكلة بأحدث التصاميم ، مع انتشار الشيلات الملونة.  

 

وعلى الرغم من المتابعة التي توليها المرأة وخاصة الشابة بآخر صرعات الموضة وانشغالها بالحياة العصرية والماديات إلا أنها مازالت تلتزم بالعادات والتقاليد المتبعة في المجتمع ، فهي حريصة على لبس العباءة السوداء (عباءة الرأس/ الدفة) داخل القرية؛ لأن لبسها البالطو في القرية وفي المناسبات والزيارات يتنافى مع تقاليد ذلك المجتمع وقد تتعرض للاستهجان أو الانتقاد الصامت من قبل أفراد المجتمع في حين أنها تلبس البالطو أو عباءة الكتف خارج القرية وهناك من النساء (الشابات) من يكنّ حريصات على لبس الدفة التقليدية حتى مع لبسهن لأحدث صرعات الموضة والجينز (حيث تدمج بين الحديث والقديم في الوقت نفسه) فهي تحاول مسك العصى من النصف ، تسعى لإرضاء ذوقها الشخصي في اللباس ، وبذات الوقت تحافظ على النسق التقليدي العام ، وتذرأ عن نفسها ( القيل والقال )  لكنما الصغيرات في السن والمراهقات هن أكثر استخداماً  للبالطو حتى في داخل القرية دون مراعاة للتقاليد السائدة.

ومع ظهور عباءة الكتف أو البالطو بمختلف التصاميم مع إضافة الإكسسوارات المتعددة الألوان والأشكال والأحجام، أصبحت تلك العباءة تجمع بين الستر والتبرج من وجهة نظر المجتمع ، حيث تصدى لها رجال الدين والخطيبات من على منابرهم بوصفها غزو ثقافي يتهدد المجتمع.

ومن خلال ما تقدم نلاحظ إن للون الأسود رمزية خاصة فهو رمز للحشمة والوقار (المتمثل بالعباءة السوداء الخالية من أي إكسسوارات تجميلية وزينة).
 
 اللباس وتداخل الثقافات الأخرى :
 
في السنوات الأخيرة ، من تسعينات القرن الماضي .. ظهرت لدينا بعض الموضات " كـ ارتداء الملابس الهندية وفيما بعد أصبحت النساء يرتدين الملابس الباكستانية أيضاً "  – كانت الأجواء تعكس تلك الحالة ( موضة ممتزجة بهويات شعوب أخرى) ، لكن هل هذه المحاكاة لمثل هذه الصرعات أو الموضات تقف عند هذا الحد.
الآن مع التطور الراهن في صيحات الأزياء ، أصبحت العباءة مزيج " بين الكويتية ، السعودية ، البحرينية " وفي السنوات الأخيرة ظهر " الشادر الايراني " .

وأخيراً على المستوى المحلي ، وضمن احتفالية الناصفة الشعبانية " القرقاعون " وهي مناسبة تحاكي تراثنا المحلي ، ظهرت لنا عادات غير مألوفة وهي تفنن الأم في تفصيل ملابس للطفل يرتديها الأولاد والبنات في هذه الليلة ، والتي تحاكي ثقافات عربية أخرى مثل اللباس المغربي - السوري - الفلسطيني - المصري .. الخ، وقد ساهم رواج مواقع التواصل الاجتماعي في تنامي واستنساخ مثل هذا التحول الاجتماعي والثقافي في طبيعة رؤيتنا للباس.
أيضاً " جلوة العروس " هي عادة تحاكي تراثنا البحريني الشعبي ، لكننا نرى العروس وقد أخذت ترتدي اللباس الهندي مثلاً ! وهذا السلوك باعتقادي يرجع إلى رواج البضائع الهندية في أسواقنا المحلية لوجود الهنود بكثرة في بلدنا.
 
هذا الأمر لا يقتصر فقط على التداخل والتمازج والتشتت في الهوية المحلية " لدى النسوة " من خلال لباسهن " المتعدد الهويات والانتماءات " ، إنما أجد بأن الرجل في السنوات الأخيرة أيضاً اتجه لنفس المنحى " لباس مزيج بين الاماراتي ،العماني ، السوري ، اللبناني ، الكويتي ، والمغربي ، والقائمة تطول .. هذه الموضات تظهر بكثره في مناسبات عدة من أهمها مناسبات " الأعياد " ، بدعوة " التغيير" .

لكن .. هل التغيير في الشكل " الستايل " يتطلب تغيير في الهوية " الوطنية " ؟. فأولئك ( وأقصد بذلك الشعوب الأخرى ) لهم لباسهم الذي يعبر بالضرورة عن هويتهم " هوية بلد  وثقافة " ، ونحن لنا لباسنا الخاص الذي يميزنا عن غيرنا من البلدان . في الحالة البحرينية مثلاً قد يكون هذا التداخل القوي " نتيجة للتعايش " بين الهندي والباكستاني والبحريني ضمن حيز جغرافي واحد " كون الوافدين الهنود أو سواهم موجودين من امد بعيد ، وبالتالي نجد أن الأمر لا يقتصر على اللباس إنما يتعداه إلى اللهجات المتداخلة والأكلات أيضاً وقد يصل الأمر إلى اكتساب بعض الحركات الإيمائية ولو على سبيل الدعابة ، لكنها بالمجمل تعكس إسلوب حياة.
 
 
الهوامش:
 
(1) الملفع:  لباس للرأس ويصنع من القطن ويكون خفيفاً أسود اللون. وترتديه النسوة خارج البيت ليسترن به شعر الرأس والرقبة والوجه وهو قريب الشبه بالحجاب السائد حالياً، إلا أنه يتخذ اللون الأسود دائماً. (وزارة شئون مجلس الوزراء والإعلام، 1996: 25)

(2) الثوب: عبارة عن لباس ترتديه المرأة فوق الجلابية وهو من الويل الخفيف المطرزة عند الصدر.

(3) البخنق: لباس ترتديه الفتاة لتغطية رأسها ورقبتها ولونه أسود مطرز بالخيوط الذهبية.

(4) النيبي: بنطلون ضيق من الأعلى وواسع من الأسفل يشبه لباس الممثلات المصريات قديماً.

(5) المشمر: عبارة عن قطعة من القماش تسمح بلف الجسم بأكمله من أعلى الرأس إلى أسفل القدمين تستخدمه النساء داخل المنزل وأثناء الزيارات القريبة، ويكون قماش المشمر من الويل أو القطن وهو خفيف وتغلب عليه الرسوم النباتية ويعتبر من الأزياء المشهورة ولا يزال يستخدم بشكل واسع في القرى البحرينية. (نفس المرجع السابق : 25)

(6) المقنعة نفس مواصفات المشمر لكنها سوداء اللون.

(7) الدفة: رداء تلبسه النساء والفتيات يستر الجسم كله من الرأس حتى أخمص القدمين، وهو رداء مفتوح من الأمام وبه فتحتان تسمحان بمد أصابع اليدين. والعباءة شبيهة بالبشت الرجالي إلا أنها تأخذ اللون الأسود دائماً، وتكون شبه خالية من الحواشي المزخرفة. (نفس المرجع : 26)

(8) الغشوة: قطعة من القماش الأسود تضعها المرأة على وجهها حين خروجها من البيت أو رؤية الغريب.

(9) البرقع: شبيه بالغشوة لكنه مفتـوح للعينين فقط للسماح برؤية أفضل.


 

السبت، 6 يونيو 2015

طقوس حناء العروس في قرى البحرين قديماً


يبدأ طقس الحناء ، حيث تقوم إحدى النساء بتسريح شعر العروس وقراءة المولد عليها ومن ثم تقوم إحداهن بتمرير مكبس البخور على رأس العروس ، فتعلو أهازيج النسوة عموم المكان.

" والدخون أو البخور من المواد أو العناصر المفرحة التي تسر القلب ، وتشرح الصدر ، وتسعد النفس ، وتزيل الهم ، والكرب والحزن ، كما أنه – طبقاً للمعتقد الشعبي – بركة ، يحفظ الصحة ، ويجذب الملائكة ، ويجعل الشخص محبوباً لرائحته الزكية ، كما أنه يطرد الشياطين ، ويرتبط بالنظافة." (107)

بعد الانتهاء من تبخير العروس ، تقوم الحناية بوضع الحناء في يدي ورجلي العروس، وفي حال النذر يتم تخضيب العروس ، وقد يكون في أحد المساجد ، حيث يتم دعوة إمرأة " سيده " لتقوم بالتخضيب - تبركاً بنسبها المتصل بالرسول  الكريم (ص).

وفي الوقت ذاته كما قال الحاج جعفر : يقوم الرجال أيضاً بوضع الحناء في يدي ورجلي العريس وسط أهازيج الحاضرين.

هذا وقد يتكرر وضع الحناء للعروس عدة مرات  ، وتحديداً ثلاث طروق " طبقات " تقريباً، المرة الأولى  ليلاً ثم صباحاً وأخيراً عصراً ، كيما يكون حناء العروس " قاتماً " ، وهنا تردد النسوة ..
 

حلوة وجميلة يا لتشوفوها         بالعافية يا اللي تحنوها

ابنيه وجميله وشحلاوتها (1)        يا محلاها بين أحبتها

تحضر الزهرا (2) في زفتها           يا محلاها من تحنوها


(1)  ما أبهى فتنتها

(2)  المقصود بها بضعة الرسول (ص) ، السيدة فاطمة الزهراء (ع).

إن وضع الحناء عدة مرات ، له مبرر وهو أن حناء العروس لابد وأن يكون قاتماً " غامق " ، أما إذا صار باهتاً فيعاب ذلك على العروس وعلى من زينها وحتى على نوع الحناء " الردئ ".


و بعد الانتهاء من طقس الحناء يتم قراءة المولد والصلوات على محمد وآله لاستجلاب البركة في مثل هذا اليوم. و " الحناء " اسمه العلمي Lythraceae ، ويتبع النبات الفصيلة الحِنّائية وزهره يسمى بمصر " تَمْر حِنّة " ، وباليمن " الحنون " وبالشام " القطب ". ويزرع نبات الحناء في أماكن كثيرة من العالم ، بخاصة شبه الجزيرة العربية وشمال افريقيا وإيران ، ويزرع بالعُقَل في أوائل الربيع . وقد عرف المصريون القدماء النبات واستعملوا مسحوق أوراقه.  
ويستعمل مسحوق أوراق الحناء على شكل عجينة ، تخَضب بها الأيدي والأظافر والشعر ، ويزداد ثبات الخضاب إذا كان ذلك في وسط حمضي ؛ فيضاف إليه حمض الليمون " الستريك " أو حمض البوريك . وتستعمل عجينة الحنّاء في علاج الأمراض الجلدية والفطرية ، خصوصاً الالتهابات التي توجد بين أصابع القدم والناتجة عن نمو أنواع مختلفة من الفطِريات . ولعل استعمال الحناء قبل العرس تقليد فرعوني قديم ؛ فالخِضَاب بالحناء مطهر للجلد. (108)

الجمعة، 29 مايو 2015

من العادات الشعبية في البحرين - ليلة الناصفة " القرقاعون " - مقتطفات من كتاب الأنثى والموروث الثقافي القروي / أمينة الفردان



عادة توارثها الخليجيون جيلاً بعد جيل ، وتوقيتها هو ليلة النصف من شهر شعبان – أو ليلة النصف من شهر رمضان ، في تلك الليلة ،  أزقة القرية وطرقاتها مضاءة بالأنوار المبهجة للقلوب ، ممتلئة بالأطفال الراكضين هنا وهناك ، هذا و الفتيات يرتدين البخنق " اللباس التقليدي للفتاة في القديم " وهو عبارة عن : غطاء أسود مصنوع من قماش شفاف " الشيفون " أو قماش الجورجيت، ويزين البخنق بعض النقوش المنقوشة بالخيوط الذهبية، وفي العادة يتم وضع حلية من الذهب تسمى الهلال.
بالنسبة للأولاد في الماضي، لم يكن لهم لباس محدد، فهم يلبسون الملابس المتوافرة (الثوب التقليدي) إلى جانب (القحفيه) طاقية الرأس. (167)
هؤلاء الأطفال يحملون أكياسهم القماشية ( القريطوا ) ، فقد كانت الأمهات تحرص فيما مضى على خياطته بأنفسهن.

هذا والأطفال يتنقلون " على شكل جماعات " بين بيوت القرية ، من باب إلى باب آخر ، يهزجون أغنيتهم الخاصة بهذه الليلة..
-       ناصفة حلاوة
على النبي صلاوة
 
-       ناصفة حلاوات
على النبي صلاوات
عطونه من مالكم
سلم الله عيالكم
عطونه من مال الله
سلم لكم عبدالله (168)

-       إقريطوا حلاوه
إقريطوا حلاوه
على النبي صلاوه
 
ولأن هذه الليلة ، كما تعتقد الأمهات الكبيرات في السن بأنها ليلة خير ، وبركة ، فلا ينبغي أن تغلق فيها الأبواب ، وبالتالي تكون الأبواب مشرعة ، من خلالها تتسرب رائحة البخور ، بينما  المرأة " صاحبة البيت " بلباسها التقليدي الغني بألوانه التراثية القروية ، المتزينة  بأفضل ما لديها من حلي ، تكون واقفة بجانب الباب الرئيس ، تحمل زبيل ( وعاء تمت حياكته محلياً من سعف النخيل ) ، وبه خليط من السكسبال " الفول السوداني " مع بعض الحلويات ( أبو ارميت ، چاكليت ، مصاميص ) ، وبعض الخردة ( نقود معدنية من فئات الـ الخمس والعشرين ، أو الخمسين والمئة فلس ). لتعطيها للأطفال ، فتضع مقداراً في راحة كف يدها من ذاك الخليط في كيس " القريطوا".
هذا ويكون هناك بعض الأطفال ممن يحمل أكثر من كيس ، لكون أن له أخوات كبيرات في السن يخجلن من ممارسة هذه العادة ، ويشدهن الحنين إلى الماضي ، لذا يعمدن إلى عدم تفويت الناصفة ، وإعطاء الطفل " أخ أو قريب " كيساً لكي ينوب عنهن في تحصيل بركة هذه الليلة.
 
-       اليوم هناك أمور اختلفت ، كنتيجة حتمية لتحسن الحياة المعيشية للكثير من الناس في المجتمع ، فلم تعد مظاهر الإحتفال بالناصفة كما كانت سابقاً، فالقرية البحرينية أخذت في السنوات الأخيرة تتلألأ بالمصابيح المضاءة على البيوت وفي الشوارع والطرقات والمآتم والمساجد و جميع الأمكنة.

حتى ملابس الأطفال الخاصة بليلة الناصفة لم يستثنيها التغيير، فالبعض أخذ يحرص على إبراز شيئاً من التراث الشعبي على ملابس أطفاله ، وآخرون أصبحوا يفضلون أن تكون ملابس أطفالهم " إستايل " وفق الموضات العالمية الجديدة ، والبعض الآخر أخذ يقتبس شيئاً من الثقافات العربية " كأن يلبسوا أولادهم وبناتهم زياً مصرياً " لباس أهل الصعيد " ، أو زياً مغربياً أو فلسطينياً.

وبالنسبة لأكياس " القريطوا " ، هي اليوم تشترى جاهزة ، متعددة الألوان والأشكال ، حيث شاع إستعمال أقمشة مختلفة كالحريرأو الشيفون أو الخيش ، وهي مزينة أحياناً بخيوط الصوف ، أوالخرز ، أوالجوخ ، أو " دميات  أطفال "  .. إلخ
 
أما الحلوى  فأصبحت أنواعاً مختلفة من الشيكولاته والمكسرات باهضة الثمن المغلفة بأوراق الزينة أو المعلبة في أشكال أنيقة . كما أصبحت بعض العطايا عبارة عن أموال تعطى للأطفال في هذه الليلة ، أو بعض الألعاب المتنوعة. (169)
وفي السنوات الأخيرة أخذ الناس يتنافسون في تزيين منازلهم لهذه المناسبة السعيدة وفيما يوزعونه في تلك الليلة، فتنوع الأشكال والسلال التي توزع بالمناسبة بروح المنافسة ذاتها، ما قاد إلى رواج بضاعة كهذه في هذا التوقيت وبالمقابل راجت أيضا محلات بيع الهدايا والزهور التي تنشط في هكذا أيام لا تختلف كثيرا عن ليلة " القرقاعون".
والأمر لم يقف عند ذلك إذ صارت الجهات المنظمة للاحتفال في القرى والمدن تنظم المسابقات وتوزع الجوائز. هذا إلى جانب انتشار ظاهرة «البوفيهات» في السنوات الأخيرة إذ تبقى مفتوحة للزوار والأهالي.
وإذا ما تحدثنا عن مناسبة " الناصفة " ففي الغالب " هي متفقة في الشكل والمضمون بين جميع أبناء دول الخليج رغم اختلاف التسمية ،  فيطلق عليها بعضهم " القرقاعون " و " القرقعان " لتضمنه قرع الأبواب ، فيما يطلق عليه آخرون مسمى الناصفة لاحتفاء الناس به في ليلة النصف من شهر رمضان المبارك ".( و يسبقها ليلة النصف من شهر شعبان).
ومسمى " حل وعاد " أي حال عليه الحول وعاد باليمن والخير ، وعدة تسميات أخرى كـ " قريقشون " و " حق الليلة " و " الطلبة " و " الكرنعوه " و " الماجينة " و " حق الله " . ولعل تسميات ليلة " القرقاعون " و " الناصفة " و " القريقشون " هي الأشهر بين أهل مناطق وقرى البحرين. (171)
هناك من يرى أن لهذه الاحتفالية دلالات اجتماعية وترفيهية والروح الجماعية والأسرية العامة التي تميز نمط العلاقات الاجتماعية ، وتظهر تلك الدلالات من خلال اهتمام الأهالي بإحتفال الأطفال ، ومشاركتهم المشاعر الطفولية  بالفرحة ، وإشاعة روح المودة والألفة بين الناس ، وهذا ما يعتبره المهتمون بالجانب التراثي من أبرز مكتسبات هذه العادة. (172)
فهذا الاحتفال يشترك فيه الكبار – مع الصغار – في تزيين المنزل من الداخل والخارج ، بل وفي الشوارع ، حيث تعلق الأنوار والزينات الملونة والرايات ولافتات الترحيب وسعف النخيل وإقامة الأقواس إلخ من هذه المظاهر. (173)
ومن الناحية التربوية .. يعمل المخزون اللغوي المتضمن في أغاني وأهازيج الأطفال الشعبية في وضع الأساس الأول لإنماء لغة الأطفال التي يعبر بها ، ويتواصل من خلالها مع من حوله ، بكل ما تحمله من معاني ودلالات شعبية، علاوة على ذلك فمن خلال لغة أغاني وأناشيد الأطفال الشعبية ، يكتسب الأطفال ثقافة مجتمعهم ، ويصبحون منتمين للمجتمع وحاملين لهويته الوطنية ، عاملين على استمرارها باستمرار وجودهم الاجتماعي. (174)
هذا ويشير الباحث التاريخي " جلال الهارون " مؤكداً أن الناصفة هي عادات اجتماعية ، ذات جذر مرتبط بالمناسبات الدينية الإسلامية وهي ذات بعد ثقافي يرتبط بالموروث الاجتماعي والفلكلوري لسكان الخليج العربي. (175)
وقد كتب الشيخ محمد حسنين مخلوف العدوي في رسالته المنشورة باسم ( رسالة في فضل ليلة النصف من شهر شعبان ) ، وفيها جاء المؤلف بأسانيد كثيرة عن فضل هذه الليلة ؛ التي سميت بأكثر من اسم ، منها : ( الليلة المباركة ، وليلة القسمة والتقدير ، وليلة الحياة ، وليلة الرحمة ، وليلة الإجابة ، وليلة الغفران ، وليلة عيد الملائكة ، وليلة الشفاعة والعفو). (176)
فمن  المعروف أن احتفال قرى البحرين بـ " ناصفة شهر شعبان " ، يرجع إلى أنها ليلة مباركة ، ففيها ولد حفيد رسول الله صلى الله عليه وآله "  الإمام المهدي بن الحسن " الذي ينتظر ظهوره هؤلاء الناس  ، لكي يعم الخير والسلام، وهو المنقذ لهم من الجور والظلم " لدى هم يرددون دائماً ( اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آباءه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعينا ، حتى تسكنه أرضك طوعا ، وتمتعه فيها طويلاً ، برحمتك يا أرحم الراحمين ، وصلى الله على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين ، وسلم تسليماً كثيرا)، هذه إيقونة " الفرج " التي يحفظها الصغير قبل الكبير، يرددها كل حين، و في كل مناسبة.
أما ليلة النصف من شهر رمضان ، فيرجع أصل العادة على رأي الكثيرين إلى مولد الإمام الحسن بن علي ( ع) سبط رسول الله ، حيث كانت ولادته في النصف من شهر رمضان المبارك من السنة الثانية من الهجرة ، إذ إنه وما أن علم المسلمون بخبر الولادة الميمونة التي فرح بها الرسول الأكرم ( ص ) حتى توافدوا على بيت الرسول صلى الله عليه وآله يزفون إليه أحر آيات التهاني ويباركون له مولد سبطه الحسن ، وهكذا بقيت هذه العادة جارية عند المسلمين حتى يومنا هذا. (177)
يذكر أن أهل البحرين إعتادوا على إقامة إحتفالات " الزواج " ، في مثل هذه الليالي الطيبة " تبركاً. "

المراجع العلمية المعتمدة:
 
(167) القرقاعون في البحرين ، جريدة البلاد ، العدد 1962 ، الخميس 27 فبراير 2014
 
(168) أحمد علي الحاج علي ، أغاني الأطفال الشعبية ومضمونها التربوي في مملكة البحرين ، الثقافة الشعبية ، العدد 5
 
(169) إسماعيل ، سيد علي ، الأصول التراثية لاحتفال " الكرنعوه " ، مجلة البحرين الثقافية ، العدد 55 ، يناير 2009، ص 103
 
(170) جريدة الوسط ، العدد 400 السبت 11 أكتوبر 2003م ، الموافق 14 شعبان 1424ه
 
(171) جريدة الأيام ، العدد ، 17807، الأربعاء 25 أغسطس 2010م

(172) جريدة الشرق الأوسط ، العدد 12658، 25 يوليو 2013م

(371) إسماعيل ، سيد علي ،الأصول التراثية لاحتفال " الكرنعوه " ، مجلة البحرين الثقافية ، وزارة التقافة والتراث الوطني ، مملكة البحرين ، ص 104
 
(174) أحمد علي الحاج علي ، أغاني الأطفال الشعبية ومضمونها التربوي في مملكة البحرين ، الثقافة الشعبية ، العدد 5.
(175) جريدة الرياض ، العدد 15740/ 29 يوليو 2011م
 
(176) إسماعيل ، سيد علي ، الأصول التراثية لاحتفال " الكرنعوه " ، مجلة البحرين الثقافية ، وزارة التقافة والتراث الوطني ، مملكة البحرين ، ص 106

(177) جريدة الأيام ، العدد 17807 ، الأربعاء 25 اغسطس 2010.

الخميس، 14 مايو 2015

تهويدة نوم الطفل ترددها الأمهات في القرية


تردد عمتي السيدة نجيبة السيد عبدالله بعض التمتمات حين تأخذ الطفل إلى حضنها كي تساعده ليخلد إلى النوم ، وهي تطبطب عليه بيدها وتهوده ( تربت عليه ) ، إذا تقول بصوت هاديء ..

يا علي يا أبو الحسن

وبيك توسلنا


وحلال كل المشاكل
 
يا حبيبي يا أبو الحسن

وحل مشكلنا


والناس حطت هياكل

يا حبيبي يا أبو الحسن

وإحنا بيك تهيكلنا


إيه والله يا حبيبي

يا علي يا أبو الحسن

يا غيث الأندابي


وزوارك اليوم

يا حبيبي يا أبا الحسن

قوم إفتح لنا البابِ


ويا علي يا أبو الحسن

ويا جابر المكسور


وإجبر كسرنا يا أبا الحسن

ونغدي للحسين إنزور


وإنزور مشهد علي يا حبيبي

وإللي سطع بالنور


وقطعنا يا حبيبي فيافي

فيافي غبة وبحور

وتختم تهويدتها للطفل، فتردد :

اللهم صل على محمد وآل محمد

اللهم صل على محمد وآل محمد

اللهم صل على محمد وآل محمد


وسلامتكم ..
أمينة الفردان
14/ 5/ 2015





 

الخميس، 30 أبريل 2015

الفتاة القروية والتعليم 2 / مقتطفات من كتاب قيد النشر بعنوان ( الأنثى والموروث الثقافي القروي )



وبخصوص التعليم الرسمي فكانت للرجل أيضاً الأسبقية . " فقد خطى تعليم المرأة البحرينية ، خطوات بطيئة إلى الأمام منذ افتتاح المدارس النظامية عام 1928م. إلا أن تسارعه قد بدا ملحوظاً منذ بدء الستينات غير أن عدد الطالبات الإناث ظل وما يزال دون عدد الطلاب الذكور . فحسب ما تشير إليه احصائيات وزارة التربية والتعليم البحرينية ، فإن نسبة الذكور إلى الإناث في المدارس الحكومية البحرينية ظل يتراوح ما بين 248 طالب لكل 100 طالبة في العام الدراسي 1954-1955 و 121 طالب لكل 100 طالبة في العام الدراسي 1979-1980

وتم افتتاح أول مدرسة للذكور في القرية ، وهي مدرسة كرزكان الابتدائية للبنين في العام 1952م - بينما تأخرت الأنثى في القرية بالالتحاق بالتعليم الرسمي إلى ما يقارب العشرين سنة، إلى أن تم افتتاح أول مدرسة للبنات في المنطقة وهي مدرسة فاطمة بنت أسد - التي تقع بين قريتَيّ كرزكان والمالكية - في العام 1972م. وهناك مثل شعبي يردده أهل القرية ..

كرزكان يا المعجبة                 أول إسبيتر (1) ، وتالي مدرسة.

 

(1)           سبيتر : مصطلح محلي كان رائجاً لدى الآباء والأجداد ، يعني المستشفى ، وهو مشتق من كلمة انجلينزية 

 

لقد بدأت أول دفعة من الفتيات تدخل هذه المدرسة، وسط معارضة مجتمعية كبيرة جداً. فكما تقول الإخبارية "كاظمية أحمد كاظم" - وهي من الدفعة الأولى اللائي دخلن المدرسة من هذه القرية - إن والدها لم يكن معارضاً ولكن أخاها الكبير كان بيده الحل والربط في هذا الموضوع، حيث كان يهددها دائماً بالالتزام بالضوابط المجتمعية والشرعية وعدم التعدي عليها وإلا فسوف يكون مصيرها العصا.

وتتابع الإخبارية كاظمية حديثها بالقول: إن عدد الطالبات كان قليلاً جداً، وقد تم ترفيع أغلبهن للصف الثاني مباشرة وعددهن - كما تقول كاظمية - "8 طالبات فقط" لأنهن متعلمات للقرآن الكريم.


وتقول: "عندما رغبتُ في إكمال دراستي (الإعدادية) رفض أخي الأكبر وقال لي: إلى هنا وكفى، إلا أن أخي الأصغر أصر على إكمالي للتعليم الإعدادي وأبدى استعداده لشراء المريول (اللباس المدرسي الرسمي) لي. وعند سؤالها: ما مدى قبول الأسرة بفكرة إكمالها للتعليم الثانوي؟ قالت: إنها لم تلاقِ أي اعتراض، إلا أن أعداد الفتيات أخذ يتناقص بسبب ممانعة الأهالي لذلك، وبالتالي هناك من اكتفين بالدراسة حتى السادس الابتدائي أو الاتجاه إلى التعليم الديني (الحوزات الدينية).

وتضيف: في ذلك الزمانُ كانت المتعلمات "مثقفات جداً" لكثرة قراءتهن للكتب وبشكل دائم بعكس ما نراه الآن، وتقول: من اجتزن الصف السادس كنّ بمثابة حاملات لشهادة "ثانوية عامة".

وعن الطالبات اللائي أكملن تعليمهن الثانوي تقول: "كنا خمس بنات فقط (أنا ومعي أربع أخريات)، هنّ: حميدة مكي، حميدة ياسين، وداد إبراهيم كاظم، وفاطمة درويش".

أما الإخبارية وداد إبراهيم كاظم الفردان، فتقول: "بدايةُ وقبل افتتاح المدرسة في منطقتنا قرر أخي أن يسجلنا (أنا وأختي) في مدرسة المنامة وأبدى استعداده لأن يوصلنا بسيارته الخاصة وخصوصاً أنها قريبة من عمله، وعندما طرح الموضوع على أبي رفض ذلك بشدة. لكن وعند افتتاح المدرسة (مدرسة فاطمة بنت أسد) بادر أخي بتسجيلنا - نحن الاثنتين - ولأننا كنا الدفعة الأولى فقد لاقى هذا الأمر الكثير من المعارضة من قبل الأهالي في القرية، حيث كان الناس - الرجال خاصة - يلاحقوننا في الشوارع من أجل إطلاق العبارات النابية التي قد تمس في بعض الأحيان شرفنا...".

وتواصل الحديث بالقول: "لقد تحملنا الكثير من الإهانات والتجريحات التي دفعت بأختي إلى التخلي عن فكرة دخول المدرسة، وخصوصاً أنها تكبرني سنّاً، أما أنا فقررتُ أن أدخل المدرسة وأتعلم، حيث كنتُ أضع بطاقة تسجيل المدرسة أسفل مخدتي حتى لا أفقدها".

تعليم الفتاة القروية - مقتطفات من كتاب قيد النشر بعنوان ( الأنثى والموروث الثقافي القروي )


للحديث عن تعلم المرأة في مجتمع البحث " قرية كرزكان" وعموم القرى البحرينية لابد أن نستعرض بدايةً وضع الأنثى والنظرة المجتمعية لها قبل هذه المرحلة. تلك النظرة السلبية - التي هي خليط بين العرف والدين - والتي لا تختلف عما هو متعارف عليه في المجتمعات العربية والخليجية عامة، حيث مثلت المرأة الكائن الضعيف في مجتمع يتغنى بالرجولة والذكورة، والمخلوق الذي وجد لا لشيء سوى لخدمة الرجل والعائلة والأولاد؛ وبالتالي فإن المكان الطبيعي لها هو البيت، هذا المخلوق المستنزَف مطالب بالكثير من الواجبات ومسلوب منه الكثير من الحقوق.

والنتيجة الحتمية لذلك الوضع المجحف والنظرة الدونية للأنثى جعل من حقها في التعليم أمراً غير ممكن  - في القرية بدأ التعليم غير الرسمي أي تعليم القرآن الكريم "الكتاتيب" حيث كان مقتصراً على الذكور إلى أن حصلت عليه الإناث متأخراً - كما ذكر أحد المثقفين - وما ساعد على ذلك هو أن المعلمين للقرآن هم رجال أيضاً، إلى أن جاءت مبادرة من بعض الآباء "المعلمين للقرآن" بتعليم بناتهم، وبالتالي فإن هؤلاء النسوة اللائي تعلمن القرآن الكريم أصبحن فيما بعد معلمات لبنات القرية ونسائها، إلى أن انتشرت الكتاتيب الخاصة بالإناث.

 

لقد لفت نظري تلك القصيدة التي أخذت ترددها " السيدة نجيبة " ، وهي امرأة من القرية ، لا تجيد  القراءة ولا حتى الكتابة ، لكنها مع ذلك هي تتقن لغة الحياة ولها خبرة ودراية تفوق المتعلمين .

 تقول:
 

تعلم العلم

تكون سيدي

 

كم رفع العلم

حقير النسب

 
العلم تاج

وجمال مقتبل

 
صاحبه العلم

مكرم أين جلس

 

من فاته العلم

تضعضع وانتكس

 

شتان بين

الحمار والفرس