"العبدة بنت الكش". هي امرأة قروية مكافحة
في منتصف العقد الخامس تقريباً، العبدة امتهنت عدة أعمال في حياتها ، قد يعجز بعض
الرجال عن القيام بها ، وقد سمعت عن هذه المرأة ، ودفعني فضولي للالتقاء بها ،
والاطلاع على صفحات من حياتها، وكان لي معها هذا اللقاء..
- استهلت حديثها العبدة
بالقول: دخلتُ بدايةً "لِمْعَلِّمْ" وحفظتُ 6 أجزاء من القرآن الكريم ،
إلا أن أمي مرضت، وبالتالي أخرجني أبي من "لمعلم" حتى أعمل في الفلاحة،
كنت أذهب مع أخواتي منذ الصباح الباكر حيث كان ريوگنا " فطورنا " وأيضاً غداؤنا في
المزرعة. وكنت أقوم بعدة أعمال منها ترويس النخيل " تنظيفها " وأقوم
بتحديرها وبجمع الرطب. كما أني كنت أقوم بـ جَزّ (قَطْع) البقل والرويد والگت
(البرسيم) وبعد ذلك كنا نبيعه على الناس
.
وتقول: بعد زواجي
استمريت في الذهاب لـ حش (قطع) الحشائش
للغنم وكنا نقطف اللوز ونبيعه ، اتذكر أني كنت أبيع أربع حبات من اللوز بـ خمسين
فلساً ، وكنا نقوم بقطف الطماطم ووضعها في الصناديق المخصصة لها والتي يتم بيعها
فيما بعد في سوق المنامة.
- وتواصل حديثها: في كل
مساء كنا نسف ونخيط السميم، ونبيعه بـ خمسمائة فلساً ، وفيما بعد ارتفع سعرها إلى
سبعمائة فلساً. وكنا نذهب للبحر بـ "الطرّاد" (قارب)، حيث كنت أقوم بدفع
الطراد بـالمجداف وليس بالماكينة كما هو الآن، أيضاً كنت أذهب للحظرة لصيد
الأسماك. وحتى تلك "الحظور" كنا نشيدها "نحن النسوة" من
"الجريد" لتكون جاهزة للاستخدام سواءً للعائلة أو لعموم الناس في القرية.كنت
في زماني "أشِدْ الحمار" أي أضع
البردعة على الحمار وأجهز العربة " الگاري " لتثبيت حزامها فوق الحمار ،
من أجل الذهاب للمزرعة المسماة بـ "البَديع".
وعن طريق الحمار
والگاري كنتُ أقوم بتوصيل بعض النساء من الأهل إلى النخيل (البساتين)، أو بنقل
الماء والمواعين (الأواني المنزلية) والثياب إلى المنازل بعد تغسيلهما.
وتواصل الحديث: من الأعمال
التي زاولتُها أيضاً استخراج المخلفات الآدمية لاستخدامه كـ "سماد" في
الزراعة بالإضافة إلى أن لدينا "بقر وغنم"، فكنتُ أقوم بحلب هذه الأبقار.
تستذكر العبدة تلك
الأيام بالقول .. عملتُ أيضاً مع والدي في البناء (بناء البيوت بالحجارة)، وكنت
أحصل في مقابِله على 750 فلساً، ومن البيوت التي شاركتُ في بنائها منزل الحاج مكي
بن خلف، ومنزل الحاج سلمان بن عبدالله بن علي في كرزكان، و بعض البيوت في قرية
الهملة وصدد. وتقول:كان عمري حينها لا
يتجاوز الثالثةعشر!
وتختم العبدة حديثها
بالقول : كان إسمي " نجمة " وفيما بعد أسماني أبي بـ
" العبداني " وأخيراً
"العبده" بسبب قدرتي على القيام بهذه الأعمال الصعبة وغيرها بمهارة تامة.
وأصبح الناس يطلقون
عليّ فيما بعد بـ "الدكتورة"، لأني أقوم بعلاج الأطفال من بعض الأمراض
بالكي، والمراخ (نوع من التدليك والمساج).
وها هنا كما رأينا
واحدة من قصص كفاح المرأة القروية ، فـ قصة هذه المرأة " العبدة " ، هي
واحدة من بين القصص التي تعبر في حقيقتها عن شجاعة وكفاح القرويات في الأزمنة
القديمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق